عَشْرُ أسئلة عن الثنائية اللغوية


يجيب (فرانسوا جروجان) على أسئلة متعلقة بإمكانية تحدث عدة لغات


أثبتت دراسة حديثة أن التَّعرُض المبكِّر لعدة لغات يُعزِّز من تطوير مهارات التواصل الفعلية، فأُضيفت هذه الفائدة بالتالي لقائمة الفوائد المُثبتة للازدواج اللغوي (كالتحكم التنفيذي المُحسَّن على سبيل المثال، وتحسين الذاكرة العاملة، وتأخير بدء الانخفاض الإدراكي) وبجانب الفوائد الاجتماعية والإدراكية الجمة، يَجلِب تعلم لغة أجنبية بعض الفوائد الأخرى الجديرة بالذكر. فمع بداية رحلاتنا لتعلم اللغات، على سبيل المثال، ننتشي عند سماعنا لأنفسنا ونحن نَلفِظ كلمات جديدة بأصواتنا، ونندفع مُبحِرِين في بحور العبارات التي كانت منذ أشهر قليلة عاتية الأمواج صعبة المراس؛ ثم قد نكتشف سُبلاً مختصرة تُوصِلُنا لأعماق الثقافات التي نستكشفها؛ فأحيانًا نَجِدُ الكلمة المناسبة للتعبير عن شعورٍ ما أو حتى لطلب البيرة، وأحيانًا أخرى تكون دَعوةً للنظر للعالم ولأنفسنا من منظور جديد. 

يتحدث أكثر من نصف سكان العالم لغتين وفقًا لبعض التقديرات. ومع ذلك، يوجد العديد من المُتحمِّسين القادرين على تحدث عدة لغات، سواءً كانوا باحثين أم دارسين لِلُّغة. وفيما يلي عَشْرُ أسئلة يجيب عليها (فرانسوا جروﭼان) خبير الثنائية اللغوية، والكاتب في مدونة (Life as a Bilingual - حياةُ متحدث اللغتين) التابعة لموقع (Psychology Today)، ومؤلف كتاب (Bilingual: Life and Reality - متحدث اللغتين: حياته وَواقِعُه). 

1- متى تُعتبَر ثنائيَّ اللغة؟ 
ثُنائِيو اللغة هم أولئك الذين يستخدمون لغتين، أو لهجتين، أو أكثر في حياتهم اليومية. وأخطأ الناس في ظَنِّهم لوقت طويل أن ثنائيِّي اللغة يتحدثون جميع لغاتهم بالفصاحة نفسها وبمستوى متساوٍ، إلا أن ذلك نادرٌ جدًا. وأتاح التعريف الحالي -الأكثر واقعية للثنائية اللغوية- للعديد ممن يتحدثون لغتين أو أكثر تقبل ما هم عليه.

2- هل تختلف أَدمِغة ثنائيِّي اللغة عن نُظرائِهم مِمَّن يتحدثون لغة واحدة؟ 
في تقرير حديث على مُدونَّتِي، يُحدِّثنا (بينج لي) الباحث البارز في هذا المجال والأستاذ في جامعة بنسلفانيا عن قناعته بعدم وجود قشرة دماغية أحادية اللغة وأُخرى ثنائية، فالمُخ يستخدم التركيبات العصبية والموارد ذاتها للتعامل مع لغات ثنائيِّي اللغة ولكن بطرق مختلفة.

3- هل يتعلم البالغون تحدث لغة أجنبية بدون لهجة؟ 
لا يُجمِع العلماء على عمر محدد يمكن بعده إتقان لهجة في لغة ثانية من عَدمِه، ولكن عادة ما يقدر ذلك العمر بين العاشرة والثانية عشرة، وأحيانًا الخامسة عشرة. وتُوجَد تقارير عن أشخاص مُتحمِّسين جدًا، كَمُدرسِّي اللغات مثلاً حيث تعلموا لغة ما في سِنٍّ كبير وعَوَّضُوا تأخرهم بانخراطهم مع متحدثين أصليين لِلُّغة، وفتراتِ مكوثٍ طويلة في البلد المُتحدِّث لهذه اللغة، ودراسة علم الصوتيات والنطق الصحيح وما إلى ذلك، ولِهذا يمكن اعتبارهم "مجازًا" متحدثين أصليين للغة. 

4- هل يمكن اتقان اللغتين (الأولى والثانية) بالمستوى ذاته؟ 
يستخدم معظم ثنائيِّي اللغة لغاتهم لأهداف مختلفة، وفي مواقف مختلفة مع أناس مختلفين؛ لذلك لا يحتاجون أن يتقنوا كل لغاتهم بنفس المستوى؛ فمدى فصاحتهم أو مهارتهم في لغة ما يعتمد على احتياجهم لِتلكَ اللغة وستكون مختصة بمجال ما. وقد أَطلقْتُ على ذلك اسم (مبدأ التكامل). ويَندُر جدًا أن يُتقِن ثُنائِيو اللغة لغاتهم بنفس الدرجة. 

5- هل ينبغي على الآباء أن يحرصوا على عدم خلط ابناءهم ذوي اللغتين بين لُغتَيهِم؟
(بمعنى آخر: هل يُستحسن تجنب تبديل اللغات أثناء التَّحدُّث؟) 
خَلطُ الأطفال بين اللغات أمر طبيعي، خاصة إذا ما كان الآباء نفسهم من ثنائيِّي اللغة وتتداخل لغاتهم أيضًا. فالتحويل بين اللغات والاستعارة فيما بينها للأطفال لا يؤثر على اكتسابهم وحفاظهم على لغتين أو أكثر. فهناك أمور أهم من ذلك مثل كيفية اكتساب اللغات، وما هو أسلوب التعليم الذي يستخدمه الوالدان، وهل يحتاج الأطفال حقًا لهذه اللغات أم لا، ونوع وكمية المدخلات لكل لغة، وما هو أسلوب الدعم اللغوي الذي يستخدمه الأبوان.

6- هل يَحلُم مُتحدِّثي اللغتين بلغات مختلفة؟ 
في استفتاء صغير قمت به، قال حوالي 64% من ثنائيِّي وثلاثيِّي اللغة أنهم رأوا في منامهم أحلامًا بِلُغَة أو بأُخرى طبقًا للحلم نفسه؛ أي عندما تكون اللغة مُضمَّنةً في الحلم. ومرة أخرى نجد أن (مبدأ التكامل) يَنطبِقُ على هذه الحالة أيضًا: فوفقًا لظروفِ الحُلم والشخص الذي يحلمون به، سيستخدمون لغة، أو الأُخرى أو كِلتَيهِما. 
  
7- هل يؤثر التحدث بلغات مختلفة على شعور ثنائيِّي اللغة وطريقة تفكيرهم؟ 
يُخبِرُنا بعض ثنائيِّي اللغة عن تَغَيُّرِهُم بِتَغيُّر لغاتهم، حتى أضْحَت فكرة تَغَيُّر الشخصيات بِتَغيُّر اللغات فكرة مطروحة. وما يُرى على أنه تَغيُّر في الشخصية ما هو إلا تَحوُّل في السلوك والتصرفات يتزامن مع تَغيُّر الموقف أو السياق؛ أي (استقلالية اللغة). وينطبق ذلك أيضًا على أحاديِّي اللغة، فَيُمكِن أن يتصرفوا بشكل مختلف، وتتغير تصرفاتهم ومشاعرهم باختلاف الموقف حتى بدون تَغيُّر اللغة. 

8- عندما يتحدث ثُنائِيو اللغة، هل يُترجِمون سِرَّاً من اللغة الأولى لِلُّغة الثانية؟ 
نُلاحِظُ وُجُود الترجمة من اللغة الأولى للثانية في المراحل الأولى من مراحل اكتساب اللغة الثانية، وعندما يصبح الأشخاص ثنائيِّي اللغة؛ أي عند استخدامهم لِلُغتين أو أكثر في الحياة اليومية، فلا يُترجِمون أو لا يلجؤون لذلك إلا نادرًا. 

9- عند تَعرُّض الأطفال لِلُغتين معًا، كيف يؤثر ذلك على تطورهم؟  
(أي: هل يؤخر ذلك في قدرتهم على التَّحدُّث؟ هل يكتسبون عددًا أقل من المفردات في كل لغة؟) 
تقول خرافة قديمة عن الثنائية اللغوية أن الأطفال ثنائيِّي اللغة متأخرون في تعلم اللغة. ويمكننا نفي ذلك ببساطة لأنه لا يوجد أي دليل بحثي على هذا التأثير. ونحن نعلم الآن أن معدل الاكتساب اللغوي لديهم متساوٍ مع نُظرائهم من أحاديِّي اللغة. أما بالنسبة للمعرفة المُعجَمية للأطفال ثنائيِّي اللغة، فقد ناقشت هذه المسألة المُعقَّدة في مقال يُظهِر كيفية تأثُّر الأطفال بمبدأ التكامل مثلهم مثل البالغين. 

10- ما هي الفائدة العظمى من الثنائية اللغوية برأيك؟ 
بدلًا من أن أضرب مثالاً واحدًا، اسمح لي أن أسرد لك قائمة وضعها ثُنائِيو اللغة أنفسهم: حيث يمكنهم التواصل مع أشخاص مختلفين، من ثقافات مختلفة، ومن بلاد مختلفة، وإجادتهم لأكثر من لغة تُسهِّل عليهم اكتساب لغات أخرى، وتساعد على الانفتاح، وتجعل للحياة منظورات متعددة، وتُقلِّل الجَهْل الثقافي، وأيضًا تُتِيح لك فرص عملٍ أكثر، ومرونة اجتماعية أكبر.


شكرًا جزيلاً لفرانسوا جروجان لِجُودِه بِوَقتِه وعِلْمِه. 


مُترجم عن: 10 Questions on Bilingualism
للكاتبة: Marianna Pogosyan
نُـشر في الثامن عشر من يونيو عام 2016.
ترجمة: محمد أحمد العشيري.